جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
شرح نظم البرهانية
69201 مشاهدة
باب: ذوي الأرحام

باب: ذوي الأرحام
ثـم المـراد بـذوي الأرحـــام
غـير ذوي التعصيـب والسـهام
وقـد أتـى فـي إرثهـم خـلاف
للعلمـــاء وهمـو أصنــاف
أربعــة كـولــد البنــــات
وســاقط الأجــداد والجــدات
وولــد الأخت وكـالعمــــات
وكبنــات العـم والخــــالات
وفيه مذهبـــان ذا النجــابـة
والـراجــح التـنزيل لا القـرابة
باب: ميراث المفقود والخنثى المشكل والحمل
وكـل مفقــود وخنثى أشكــلا
وحمــل اليقـينُ فيـه عمــلا
باب ميراث الغرقى ونحوهم
وإن يمـت جـمع بشيء كالغـرق
ولـم يكـن يعلم عين من سـبق
فلا تـورث بعضهـم مـن بعـض
وبالـتراث لســــواهم فـاقض
هـذا ومــا أوردتــه كفـايـة
لطــالب الفـن وذي العنــايـة
وقد غـدت أبيـاتهـا إثني عشـر
مـع مئـة مثـل قـلائـد الـدرر
والحـمد للـه علـى التمـــام
ثم صـــلاتـه مـع الســلام
على النبي المصطفى المختـــار
وآلـه وصحبــه الأبـــــرار


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مما وقع الخلاف فيه من المسائل: إرث ذوي الأرحام . لم يورثهم كثير من العلماء كالشافعية، وورثهم الإمام أحمد إذا لم يوجد غيرهم.
وذلك لأنهم أولى من بيت المال، وأولى من المولى المعتق، أو ذريته وورثته؛ ولأنه قد جاء ذكرهم من حيث الإجمال في قول الله تعالى في آخر الأنفال: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ وكذا جاءت هذه الجملة في سورة الأحزاب: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ ؛ وإذا كان بعضهم أولى ببعض فمن باب الأولوية تقديمهم بمال قريبهم، كما أن عليه أن يصلهم؛ لقول الله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ أي: .
وهم بلا شك لهم قرابة يدرون بها؛ ولأن بعضهم قد تجب نفقته مثل: أولاد البنات، تجب نفقتهم على جدهم - أبي الأم - إذا افتقروا؛ ولأنهم قد ينفقون -أيضًا- على جدهم إذا كان فقيرًا، يلزمهم أن ينفقوا عليه، ولا تحل لهم زكاته، ولا يحل له أن يدفع زكاته إليهم؛ بل ينفق عليهم من ماله؛ ولأنهم قد يكونون من الأصول ومن الفروع، ولو كانوا غير وارثين.
وقد ورد الوعيد في قطيعتهم، في إثم من قطع الرحم ، كقوله تعالى: وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ أي: من القرابات، يقطعون أرحامهم، وكذلك قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ والأحاديث كثيرة في الأمر بصلة الرحم، والأمر بالإحسان إلى الأقارب، وما أشبه ذلك، وكذلك التحذير من قطيعة الأرحام.
لا شك أن ذلك كله مما يبين أنهم أولى بالأموال التي تركها قريبهم، فلهم حق عليه في الحياة، فكذلك بعد الموت إذا لم يكن هناك من هو أقرب منهم. لا شك أنه يقدم عليهم العصبة؛ ولو كانوا بعيدين؛ ولو كان ابن ابن ابن عم، أو ابن ابن ابن عم أب، أو عم جد، أو جد جد؛ فإنه من العصبة الذين يقول - صلى الله عليه وسلم - فلأولى رجل ذكر فالعصبة يرثون بالتعصيب، ويأخذون ما بقي؛ ولكن قد يوجد من ليس له عصبة، فإذا وجد من ليس له عصبة وله أصحاب فروض فإنهم -أيضًا– يقدمون؛ بحيث أن صاحب الفرض يأخذ المال كله فرضًا وردًّا؛ حتى ولو كان فرضه السدس كالأخ لأم والجدة يعطى المال كله فرضًا وردًّا، وكذا الزوج أو الزوجة على أحد الأقوال أنه – أيضًا - يأخذ المال فرضًا وردًّا؛ ولكن كثير من العلماء قالوا: لا يرد على الزوجين؛ وذلك لأنهما - غالبًا - من الأجانب، وإذا كان كذلك فقد يعدمون كلهم، ويكون هناك ذوو أرحام، فالقول بتوريثهم هو أقوى الأقوال؛ لقرابتهم.